اذا
قلنا لكم من أنتم ؟ وما عملكم ؟
فماذا
نريد منكم لتحققوا هذين الغرضين معا ؟
1ـ
استشعار المسؤولية
وبدون
هذا لا يدرك المدرس منـزلته ورسالته ، ولا يؤدي عمله
ومهمته ، ولذلك المنهج
الإسلامي ينشأ في على أن الإنسان مسؤول بين يدي الله - عز وجل - ، لكننا عندما
ننظر
الى التخصيص نجد أن التخصيص قد ورد في أمور بعينها ومنها
العلم كما في الحديث
المعروف: ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل من أربع ... – ومنها- عن علمه ماذا عمل
به (
ومعلوم
أيضا أن أول ثلاثة تسعر بهم النار يوم القيامة منهم الذي علم ليقال
عالم . ولم يعلم بالإخلاص ، والقيام بالمهمة والمسؤولية
كما أراد الله - سبحانه
وتعالى
-عن أبى الدرداء – رضي الله عنه - أنه كان يقول: " إني لأخشى في يوم القيامة
أن يقول لي الله -عز وجل - : يا عويمر، فأقول : لبيك يا
رب، فيقول: ما عملت فيما
علمت ؟.
فعندما
يستشعر المدرس مسئوليته حينئذ يمكن أن يعول عليه كثيرا باذن
الله - عز و جل
- .
2ـ
الأمانة العلمية
وهذا
يقتضي منه أمور كثيرة ومنها
:
أ-
الإتقان في مجال التخصص وفي مادته العلمية ؛ فإن هذا من أعظم الأمور
المعينة على القيام بمهمته ، فلا بد أن يستزيد دائماً ،
وأن يراجع دائماً ، وأن
يبحث
كثيراً ، وأن يحاول دائما أن يكون متمكناً تمكناً جيداً في تخصصه
.
ب - ما
أعلنه النبي –
صلى الله عليه وسلم - أمام الصحابة وأمام الملأ من المسلمين عندما
جاءه
سائل يسأله عن الساعة ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ما المسئول عنها
بأعلم من السائل؟ و لا حرج اذا سئل عما لا يعلم أن يقول
: لا أعلم فهذه من الأمانة
العلمية.
ج- أن
يقبل من طلابه ومن زملائه ما قد يلفتون نظره إليه من خلل أو
خطأ فيما قاله أو فيما أرشد إليه وهذا أمر مهم جداً
.
3
ـ
مسئوليته عن
علمه
فهو
المسئول عن صيانته هذا العلم وحفظه .. بعض المدرسين - و هذا يحصل كثيرا
بسبب التكرار ، و بسبب الأمور والأوضاع الإدارية والفنية
التي يمر بها المعلم
-
يتخرج
من جامعته فيبدأ بالتدريس و بدلا من أن يستزيد من علمه إذا به يتآكل علمه ،
لأنه كان يدرس في الجامعة موضوعات كبيرة ، و كتب كبيرة ،
ومسائل دقيقة ، فلما جاء
إلى
التدريس جاء الى مستوى معين من الطلاب ينبغي أن يعطيهم بقدر ما هو مقرر في
المنهج
، وبقدر عقولهم وإفهامهم ، فنـزل إلى مستواهم ، وبقي معهم ، وضيع كل ما أخذه
من العلم ما ليس في هذه المناهج ، مع السنوات انتهى أمره
إلى أنه أصبح متخصص في هذه
الكتب ،
بمعنى أنه إذا صح التعبير مع التحفظ و الاعتذار للمعلمين ، مثله مثل الطالب
الذي يتمرس في المنهج ، لو أن طالب درس المنهج و رسب
أعاده مرة ثانية أو درس دروس
خصوصية
أو كذا ، يقولون : هذا طالب معيد يعني عنده خبره ، يمكن أن يكون مدرس مثل
المدرس
، ولا فرق بينه و بين المدرس الذي ذكرنا وصفه ، لماذا ؟ لأنه حصر نفسه في
هذا الجانب ، لذلك ينبغي للمدرس أن لا يكون بهذا الأمر
.
4ـ
التواضع ولين
الجانب
الحقيقة
في بعض الأحوال تجد المدرس يفتعل الهيبة والوقار ، وهما أمران
مهمان للمدرس ولشخصيته ، لكنه يظنها أو يتصور هذه الهيبة
وذلك الوقار والاحترام
بصورة
خاطئة ، فلا يمكن أن تفتر شفتاه عن ابتسامة ، ولا يمكن أن يأتي إلا مقطب
الجبين ، مكشّر الوجه ، ولا يسمع منه الجاد والحاد في
الوقت نفسه .
ويرى
الطالب
حينئذ
أنه أمام عقبة صعبة شديدة قاسية مغلفة ، فلا يمكن أن يكون هناك واصل بينما
التواضع
ولين الجانب له أثره الكبير في أداء المهمة التعليمية والتربوية والسلوكية
التي أشرنا إليها ، لذلك بعض المدرسين القدماء أحيانا
يوصون بعض زملائهم الجدد
:
إحذر
أن تقول كلام هين ، ولا تصاحب طالباً ، ولاتقدم أي صورة من صور التواضع و
اللين
.. و هذا خطأ .
5ـ
الصبر
وهذه
معاني كلية معروفة . كنت بالأمس مع
أحد
المدرسين و نتناقش حول ما قد يطرح في هذا الموضوع ، فكان يقول لي : " الصبر هو
الذي يحل كل
المشكلات المتعلقة بالمعلمين و بعملية التعليم " ، والحقيقة إن أكثر
الناس
احتياجا للصبر هم المعلمون لأنهم يواجهون البلادة ، ويواجهون الجهالة ،
ويواجهون الحماقة ، ويواجهون أحياناً الصلافة ، و كل هذه
المعاني يواجهها المدرس
إضافة
إلى مواجهة العناء والتعب والإرهاق.
وأنا
أعلم أن المدرسين سيقولون
:
لماذا
لا يكون هناك حديث عن هذا المدرس الذي يقف خمس حصص أو خمس ساعات في كل يوم ،
ومهمته أن يبدأ حصته بالكلام ، و ينهيها بالكلام طول
الوقت ، ومهمته بعد ذلك أن
يكتب ،
وأن يسأل ، وأن يعاقب ، وأن يراقب ، وأن يدقق إلى غير ذلك ، كل هذا لنا فيه
وصفة واحدة وهي الصبر ، ولذلك جعل الإيمان شطران : شطر
شكر، وشطر صبر ، والنبي
–
صلى
الله عليه وسلم - قد بين عظمة الصبر في هذا المعنى.
والحقيقة أن الصبر أيضا
فن ،
لأن الطلاب أحيانا يتنافسون في كيفية إخراج المدرس عن صوابه ، و إغضابه
وامتحانه في سعه صدره و حلمه ، ونعلم من القصص الكثيرة و ليس الموضوع موضوع
الصبر.
وهكذا
فمسألة الصبر حقيقة أيضا أمر مهم جداً في هذا الجانب.
6-
القدوة
و أمرها
عظيم وواسع ، ونعني بها القدوة في المجالات كلها ، القدوة في
الناحية العملية ، والسلوكية ، والفكرية ، والمظهرية
.
مسالة
القدوة في المدرسين
مسألة
مهمة جداً لأن أعين الطلاب معقودة بمعلمهم ومدرسهم ، وخاصة في سن الصغر في
المرحلة
الابتدائية ، والمتوسطة ، وحتى الثانوية
.
7 -
التجديد
والابتكار
كثيراً
ما يكون النظام التعليم يصبغ المعلم بالتكرار ، وأنا أعلم بعض
المعاناة عند المدرسين وأسوقها وأوافق كثير منهم في بعض
هذا القول ، المعلم المطلوب
منه
نظاما أن يحضّر ما يمسى بكراس التحضير ، أو دفتر التحضير وهذا يراه بعض
المدرسين أمر شكلي لا قيمة له ، وأمر يفعلونه كما يفعل الطالب الواجب المقرر
عليه
من المدرس ، فكما يراه ثقيلاً يراه المدرس ثقيلاً ، وكما
يسأل الطالب عن واجبه ،
يعلم
المدرس أنه سيسأل عن دفتر تحضيره ، وبالتالي يكتبه متثاقلا ، ثم المطلوب في كل
عام أن يجدد هذه الكراس - وإن كانت المادة نفسها والمنهج
نفسه - ، ثم أيضا نظام أن
هناك
درجات على الأسئلة الشفهية ، والاختبارات الشهرية ونحو ذلك ، فهذا الروتين
يجعل المدرس كالآلة قد حفظ المنهج حفظاً ، من كثرة ما
ردده في كل مرة ، وفي كل عام
، وفي
كل فصل ، وفي كل مادة ، لا يأتي بأي شيء جديد ، ولا يأتي بأي أسلوب يغيّر
الملل
عن نفسه هو أولاً ، ثم عن طلابه ثانياً ، ومن هنا نجد أن المدرس إذا كان على
هذا
الوصف تجده دائما مهموماً مغموماً ، لأنه يكرر كل شيء ، و التكرار مع الاستمرار
لا شك أنه شيء قاتل ، وأمر محطم للمعنويات ، وأيضاً
مبلّد للأفكار ، فالمدرس عندما
يكرر
يصبح ليس عنده مجال للتجديد والابتكار
.
ومعلوم
حتى في منهج النبي – صلى
الله
عليه وسلم - كيف كان يلقّن الصحابة و يعلّمهم .. يتكلم كلام بطيء ، لو شاء
العادّ
أن يحصيه لأحصاه ، يكرر القول ثلاث مرات حتى يفهم عنه ، ومرة يبدأهم بالسؤال
حتى يستثير الأذهان ، وأحياناً يبدأهم بالمعلومة ، ويطلب
منهم الاستنتاج ، وأحيانا
يستخدم
الوسائل التعليمية من الخطوط والتشبيهات أو الأمثال
.
وأحيانا
يستغل موقف
معين مع
أصحابه ليلفت نظرهم الى قضية من القضايا التعليمية أو التربوية وأمثلة هذا
كثيرة.
فلماذا
لا يستخدم المدرس هذه الطرائق وهذه الأساليب ؟ لماذا لا يغير
أحيانا بعض الأنماط ؟ لماذا لا يجعل هناك صورة من صور
المشاركة مع الطلاب أو مع بعض
الطلاب
؟ لماذا لا يغير أحياناً وإن كان في هذا بعض الأحوال قضايا إدارية أو نظامية
تعوقه ، ولكن يمكن بقدر الاستطاعة أن يفعل بعض هذه
الأمور .. أن يخرج طلابه – مثلاً
-
من
الفصل ليعطيهم الدرس في الهواء الطلق في بعض الاحوال
.
هي صورة
من صور
التغيير
تبعث في نفسه الجد والنشاط ، وكذلك تبعث في طلابه وتجعله مدركا لمهمته
وغايته
، بدلاً من أن يكون مكرراً لنفسه ، وهذه قضية مهمة جداً
.
8 ـ
المشاركة مع الطلاب
وهذا
أمر مهم ، وهو متعلق بشيء من التجديد والابتكار ،
ولكنه
يستحق أن يفرد وحده.
دائما
قضية المشاركة في الأعمال البشرية تعد من
الأمور
المهمة عندما تكون مهمة المدرس أن يلقي درسه من أول الحصة إلى آخرها ، لا
يجعل هناك مشاركة للطلاب ؛ فإنه يفقد كثيراً من
الإيجابيات العظيمة والمهمة في
الوقت
نفسه .
فوائد
المشاركة مع الطلاب
الفائدة
الأولى : لها فوائد
في بناء
الشخصية ، في تقدير الطالب واحترامه عندما يشارك برأيه ، أو بانتقاده أو
بإجابة سؤال ، أو بإبداء الرأي ، وهذه تنمي فيه شخصيته ،
وتعطيه منزلته و قدره و
احترامه
، بدلاً من أن يقول للطالب : اسكت .. لا تتكلم .. لا تلتفت .. لا تنظر ،
كأنما هو شيء لا قيمه له
.
الفائدة
الثانية : أن يجد المدرس تقويم عمله ؛ فعندما
يسأل
الطلاب ، وعندما يشاركهم سيجد النتيجة هل فهموا أم لم يفهموا ؟ هل تفاعلوا أم
لم يتفاعلوا ؟ هل أعجبوا أم لم يعجبوا ... إلخ
.
الفائدة
الثالثة : أنه يستطيع
أن يميز
الفروق بين هؤلاء الطلاب ؛ فيرى الجيد ، ويرى من عنده مواهب ، و يرى من
عنده
طموحات ... إلخ
.
بينما
قضية الإلقاء ؛ و هي صورة واحدة من صور التعليم ،
هذه
تفقد المدرس هذه المشاركة المهمة ، والتي لها أثر كبير جداً في هذا الجانب
.
الفائدة
الرابعة : تلمّس ما عندهم من العيوب و الخلل والمشكلات في الوقت نفسه
في بعض الاحوال هذه المشاركة مهمة إلى حد كبير
.
9
ـ
العلاقات خارج إطار
الفصل -
أي مع الطلاب - ؛ وكما قلت الموضوع متشعب ، وقد يكون هناك جانب العلاقة مع
المدرسين بعضهم ببعض ، ومع الإدارة ، ومع المنهج وأشياء أخرى كثيرة ، لكن اخترت
ما
أرى أنه يصلح أن يكون أمر عام كلي
.
هنا
العلاقات مع الطلاب خارج الفصل ، وهي
تشمل
أمور كثيرة منها العلاقات من خلال الأنشطة ، وهذه الأنشطة الطلابية هي أصلاً
أمور مقررة نظامياً ، لكنها أحيانا تكون بمثابة الحبر
على الورق ، وأحيانا عندما
تنفذ
تكون بمثابة الصورة الشكلية . المطلوب من المدرسة أن يكون عندها جمعية دينية ،
وجمعية كشفية وعلمية ، والمدير مكلف بهذا يصدر قرار "
المدرس الفلاني هو المسؤول
عنها "
والمدرس المكلف بذلك يصدر قراراً باختيار مجموعة من الطلاب و يمضي الأمر دون
أن يكون
هناك أي فائدة لا للمدرس ولا للطلاب
.
العلاقة
الأخرى العلاقة الشخصية
غير
النشاط ، فالعلاقة الشخصية التي يعبر فيها المدرس جسوراً بينه وبينه طلابه
ليحقق
محبتهم ، وارتباطهم به ، واتباعهم له ، وتأثرهم بتوجيهاته ، بمعنى أن يعتبر
طلابه مدعوون يمارس معهم الدعوة ، والوعظ والإرشاد ،
وحلول المشكلات
.
قد يظن
بعض
المدرسين أن هذا عبء على عبء ، و يرى بعض المدرسين إذا كلف بنشاط كأنما ألقى
فوقه
صخرة من الصخور ، مع أنه لو نظر نظرة أخرى لرأى أن هذا تجديد و تنفيس و تغيير
للخط الذي يحيط به أثناء التعليم.
فأقول
مهمة الأنشطة يتحرر فيها الطلاب من
الهيبة
، التي قد تكون أحياناً متكلفة بين الطالب ومعلمه ، وفي الفصل يتحرر منها
الطلاب من إطار المنهج والتدريس ، يتحرر الطلاب من الخوف
من خصم الدرجات ، ومن
الخوف
من الاختبارات ، فيبدون مشاعرهم ، وتستطيع أن تكتشف ما عندهم ، ثم تستطيع أن
تمارس ما ذكرته من مهنتك و رسالتك في الشطر الاول من
الحديث الذي فيه منـزلتك
ومهمتك
في هذه العملية التعليمية ، وكذلك العلاقات الشخصية من أبوابها.
10 -
التغلب على الأمور الإدارية والروتينية
؛ فكثيرا ما يشكوا المدرسين من أن العبء
الدراسي الذي عليهم كبير النصاب التعليمي ، والذي هو في
حده الأعلى (24) حصة
أسبوعية
بالنسبة للمدرسة ، أي بمعدل (5) حصص في كل يوم و هي عبء كبير
.
ثم
العبء
الآخر
الذي يشكو منه المدرسين و هو بعض الأمور التي لها جوانب إيجابية وكذلك سلبية
،
مثلاً الاختبارات الشهرية هي لا شك انها أساليب
لتقويم الطلاب ، ولإلزامهم
بالمراجعة والدراسة ، لأنهم لا يراجعون ولا يدرسون
غالباً ، إلا إذا اضطروا إلى ذلك
تحت قهر
وجبر الاختبارات ، في الوقت نفسه هي تشكل للمدرس عبء هائل ، لأنه في كل فصل
-
مثلاً - عدد الطلاب 25 طالباً ، و هو يدرّس 5 فصول ، أو 6 فصول
، فيكون عدد
الطلاب
حوالي 300 طالب و هذه إحصائيات أحيل المدرسين فيها الى كتابات الطنطاوي ؛
فإنه
يأتي فيها بالارقام و التفصيلات بصورة أدبية جميلة ، ثم عنده عدد من المواد ،
و كل طالب في الاختبارات هذه يكتب صفحتان أو ثلاثة ،
فإذا حسبت هذه الصفحات أو حسبت
المواد
و متى سيقرأها.
أقول :
هذه الأعباء - لا شك - أن هناك دراسات ومطالبات
بإعادة
النظر دائما في الأمور المتعلقة بالطريقة التعليمية ، وبالمناهج وبالأساليب
التربوية ، إلى غير ذلك لكن التفسير منوط بالمدرسين أكثر
من غيرهم ؟
لأنهم
أكثر عدداً ، لأنهم لو أرادوا لكانوا أقوى صوتاً ،
ولأنهم أكثر ممارسة ، فيمكن أن
يقدموا
ما يفصح عن الأسلوب الأمثل أو الأفضل في بعض ما يرونه يحتاج الى تقويم
.
لكن
الشق الاخر نحن في واقع عملي ، أقول : لو أراد المدرس أن يخفف هذا العبء
فكيف يفعل ؟
أ- هناك
أمور متعلقة بالناحية النفسية والإيمانية ؛ فعندما يستحضر
المدرس أنه يؤجر على ذلك ويثاب ، وأنه يكتب له بهذه
الأعمال على كثرتها حسنات عند
الله -
عز وجل - لا شك أبداً أن هذا مما يخفف العبء عن المعلم المسلم
.
ب-
عندما يشعر أنه من خلال هذا يسهم في هذه المهمة العظيمة ، و هي
المهمة التربوية
التوجيهية لهذا الجيل ، الذي يريد أن يكون باذن الله جيل نافع صالح لهذه الأمة
الإسلامية في مستقبلها القريب قبل البعيد ، لا شك أن هذا يهون عليه أيضاً.
ج
-
هناك أمور فنية تقسم إلى قسمين
:
1-
أمور
فنية في الإتقان أو التجديد والإبداع
، فهذا دفتر التحضير عندما ينظر إليه المدرس هناك ما يسمى
بمفكرة المدرسة ،
والأهداف العامة ، وطريقة العرض ، لو أنه كان دائماً حريصاً على التجديد
والابتكار
والاستزادة من كتب أخرى ، ومن أساليب تربوية جديدة ، ومن
بحوث تنشر أو قضايا تثار
حول هذه
المعاني ، لاستطاع دائما أن يجد عنده جديد يفيد به نفسه ، ولا يصبح عمله
مكرر من
العمل الجيد ، العمل الجديد يقبل عليه الإنسان بنشاط لأنه يأمل فيه شيء
جديد يرى فيه بعداً جديداً لم يكن في الذي قبله
.
2-
وهناك شق آخر و يسميه
بعض
المدرسين شق تحايلي ، و هو أن يخفف العبء بصورة عملية ذكية . فطريقة الأسئلة
التي
يميل إليها كثير من المدرسين خاصة في الاختبارات الدورية تعتمد على أن لا يتيح
الطلاب الفرصة في إكثار الكلام والكتاب بل السؤال جوابه
كما يقال : " كلمة ورد
غطاها "
حتى يخفف عن نفسه العبء ، ولكن بأسلوب علمي يستطيع أن يكتشف فهم الطالب
وقدرته
.
الاستفادة من التقنيات الحديثة كالكمبيوتر ، حتى يرى بعض المدرسين هذه
الأمور صعبة عندما يكون عنده الخبرة في الكمبيوتر ،
يستطيع أن يضع الأسئلة ، ويضع
البرامج
المنهجية في فقرات معينة ، ويصحح وكذا في وقت وجيز
.
د - بعض
المدرسين يلجئون إلى طرائق تبادلية مع بعض المدرسين للتخفيف من هذه الأعباء
.
كل
هذا حسن بحيث لا يكون هناك تفريط من المدرس في واجبه ولا
تقصير منه في هذا الواجب
لماذا ؟
لان المدرس هو قدوة وهذا واجب عليه من قبل الجهة التي كلفته بهذه المهمة ،
وهو يفرض على طلابه واجبات فكيف يريد أن يؤدي الطلاب
واجباتهم ، وهو لا يؤدي واجبه
هذه
قضية لا بد أن يلتفت إليها المدرسون ، ويحاولوا قدر الاستطاعة أن يستفيدوا منها
،
ثم يفيدوا في مجال التغيير لمثل هذه لما يرون أنه قاصر في العملية التربوية
التعليمية
.
11
ـ أن
الذي يراد من المدرس هو أن يكون المقدم لكل خطأ
لأن
المهم هو الأساس
في العملية التعليمية ، فإذا كان في المناهج نقص أو فيها خلل ، أو فيها
من لفتات أو أخطاء ، فالمعول على تصحيح ذلك هو المعلم ، وإن كان
في الطلاب وطريقة تلقيهم للعلم خطأ ، وطريقة نظرتهم إلى
العلم خطأ ، وطريقة
استفادتهم من العلم خطأ ،
فالمعول
على إصلاح ذلك هو المعلم ، وإذا كان النظام
التعليمي نفسه هو في حد ذاته فيه أخطاء أيضا يمكن أن يكون المقوم أو الذي يصحح
هذه
الأمور هو المعلم
.
و هنا
سيقول المدرسون و المعلمون : تطلب منا ، وتطلب منا
، و لا تطلب من الآخرين ! أقول نعم المفروض أن تكون العناية
بالمعلم هي في التربية
على كل
المستويات سواء في قطاعات التعليم ، أو في قطاعات الدولة ، أو في قطاعات
النظر إلى العلماء ، أو في قطاعات الاقتصاد أو في قطاعات
السياسة
والاجتماع.
المعلم
هو الذي له أكبر الأهمية في هذا الجانب ، لكن ينبغي أن تكون
وسائل الإعلام تخدم العملية التعليمية ، ينبغي أن تكون
الصحافة والبحوث والمؤتمرات
والتوجيهات كلها تخدم هذا الجانب ، أقول : نحن نطالب المعلمين بما هو في أيديهم
، و
بما هو يكون قريب منهم باذن الله - عز و جل - ، و نحن في
آخر الأمر نرى أن كل ما
نريده
من المعلمين وما يضيفه غيرنا هو مطلوب منهم ، وهو مؤمل فيهم ، وهو مرجو إن
شاء الله أن يثابوا عليه إذا أخلصوا النية لله
قلنا لكم من أنتم ؟ وما عملكم ؟
فماذا
نريد منكم لتحققوا هذين الغرضين معا ؟
1ـ
استشعار المسؤولية
وبدون
هذا لا يدرك المدرس منـزلته ورسالته ، ولا يؤدي عمله
ومهمته ، ولذلك المنهج
الإسلامي ينشأ في على أن الإنسان مسؤول بين يدي الله - عز وجل - ، لكننا عندما
ننظر
الى التخصيص نجد أن التخصيص قد ورد في أمور بعينها ومنها
العلم كما في الحديث
المعروف: ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل من أربع ... – ومنها- عن علمه ماذا عمل
به (
ومعلوم
أيضا أن أول ثلاثة تسعر بهم النار يوم القيامة منهم الذي علم ليقال
عالم . ولم يعلم بالإخلاص ، والقيام بالمهمة والمسؤولية
كما أراد الله - سبحانه
وتعالى
-عن أبى الدرداء – رضي الله عنه - أنه كان يقول: " إني لأخشى في يوم القيامة
أن يقول لي الله -عز وجل - : يا عويمر، فأقول : لبيك يا
رب، فيقول: ما عملت فيما
علمت ؟.
فعندما
يستشعر المدرس مسئوليته حينئذ يمكن أن يعول عليه كثيرا باذن
الله - عز و جل
- .
2ـ
الأمانة العلمية
وهذا
يقتضي منه أمور كثيرة ومنها
:
أ-
الإتقان في مجال التخصص وفي مادته العلمية ؛ فإن هذا من أعظم الأمور
المعينة على القيام بمهمته ، فلا بد أن يستزيد دائماً ،
وأن يراجع دائماً ، وأن
يبحث
كثيراً ، وأن يحاول دائما أن يكون متمكناً تمكناً جيداً في تخصصه
.
ب - ما
أعلنه النبي –
صلى الله عليه وسلم - أمام الصحابة وأمام الملأ من المسلمين عندما
جاءه
سائل يسأله عن الساعة ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ما المسئول عنها
بأعلم من السائل؟ و لا حرج اذا سئل عما لا يعلم أن يقول
: لا أعلم فهذه من الأمانة
العلمية.
ج- أن
يقبل من طلابه ومن زملائه ما قد يلفتون نظره إليه من خلل أو
خطأ فيما قاله أو فيما أرشد إليه وهذا أمر مهم جداً
.
3
ـ
مسئوليته عن
علمه
فهو
المسئول عن صيانته هذا العلم وحفظه .. بعض المدرسين - و هذا يحصل كثيرا
بسبب التكرار ، و بسبب الأمور والأوضاع الإدارية والفنية
التي يمر بها المعلم
-
يتخرج
من جامعته فيبدأ بالتدريس و بدلا من أن يستزيد من علمه إذا به يتآكل علمه ،
لأنه كان يدرس في الجامعة موضوعات كبيرة ، و كتب كبيرة ،
ومسائل دقيقة ، فلما جاء
إلى
التدريس جاء الى مستوى معين من الطلاب ينبغي أن يعطيهم بقدر ما هو مقرر في
المنهج
، وبقدر عقولهم وإفهامهم ، فنـزل إلى مستواهم ، وبقي معهم ، وضيع كل ما أخذه
من العلم ما ليس في هذه المناهج ، مع السنوات انتهى أمره
إلى أنه أصبح متخصص في هذه
الكتب ،
بمعنى أنه إذا صح التعبير مع التحفظ و الاعتذار للمعلمين ، مثله مثل الطالب
الذي يتمرس في المنهج ، لو أن طالب درس المنهج و رسب
أعاده مرة ثانية أو درس دروس
خصوصية
أو كذا ، يقولون : هذا طالب معيد يعني عنده خبره ، يمكن أن يكون مدرس مثل
المدرس
، ولا فرق بينه و بين المدرس الذي ذكرنا وصفه ، لماذا ؟ لأنه حصر نفسه في
هذا الجانب ، لذلك ينبغي للمدرس أن لا يكون بهذا الأمر
.
4ـ
التواضع ولين
الجانب
الحقيقة
في بعض الأحوال تجد المدرس يفتعل الهيبة والوقار ، وهما أمران
مهمان للمدرس ولشخصيته ، لكنه يظنها أو يتصور هذه الهيبة
وذلك الوقار والاحترام
بصورة
خاطئة ، فلا يمكن أن تفتر شفتاه عن ابتسامة ، ولا يمكن أن يأتي إلا مقطب
الجبين ، مكشّر الوجه ، ولا يسمع منه الجاد والحاد في
الوقت نفسه .
ويرى
الطالب
حينئذ
أنه أمام عقبة صعبة شديدة قاسية مغلفة ، فلا يمكن أن يكون هناك واصل بينما
التواضع
ولين الجانب له أثره الكبير في أداء المهمة التعليمية والتربوية والسلوكية
التي أشرنا إليها ، لذلك بعض المدرسين القدماء أحيانا
يوصون بعض زملائهم الجدد
:
إحذر
أن تقول كلام هين ، ولا تصاحب طالباً ، ولاتقدم أي صورة من صور التواضع و
اللين
.. و هذا خطأ .
5ـ
الصبر
وهذه
معاني كلية معروفة . كنت بالأمس مع
أحد
المدرسين و نتناقش حول ما قد يطرح في هذا الموضوع ، فكان يقول لي : " الصبر هو
الذي يحل كل
المشكلات المتعلقة بالمعلمين و بعملية التعليم " ، والحقيقة إن أكثر
الناس
احتياجا للصبر هم المعلمون لأنهم يواجهون البلادة ، ويواجهون الجهالة ،
ويواجهون الحماقة ، ويواجهون أحياناً الصلافة ، و كل هذه
المعاني يواجهها المدرس
إضافة
إلى مواجهة العناء والتعب والإرهاق.
وأنا
أعلم أن المدرسين سيقولون
:
لماذا
لا يكون هناك حديث عن هذا المدرس الذي يقف خمس حصص أو خمس ساعات في كل يوم ،
ومهمته أن يبدأ حصته بالكلام ، و ينهيها بالكلام طول
الوقت ، ومهمته بعد ذلك أن
يكتب ،
وأن يسأل ، وأن يعاقب ، وأن يراقب ، وأن يدقق إلى غير ذلك ، كل هذا لنا فيه
وصفة واحدة وهي الصبر ، ولذلك جعل الإيمان شطران : شطر
شكر، وشطر صبر ، والنبي
–
صلى
الله عليه وسلم - قد بين عظمة الصبر في هذا المعنى.
والحقيقة أن الصبر أيضا
فن ،
لأن الطلاب أحيانا يتنافسون في كيفية إخراج المدرس عن صوابه ، و إغضابه
وامتحانه في سعه صدره و حلمه ، ونعلم من القصص الكثيرة و ليس الموضوع موضوع
الصبر.
وهكذا
فمسألة الصبر حقيقة أيضا أمر مهم جداً في هذا الجانب.
6-
القدوة
و أمرها
عظيم وواسع ، ونعني بها القدوة في المجالات كلها ، القدوة في
الناحية العملية ، والسلوكية ، والفكرية ، والمظهرية
.
مسالة
القدوة في المدرسين
مسألة
مهمة جداً لأن أعين الطلاب معقودة بمعلمهم ومدرسهم ، وخاصة في سن الصغر في
المرحلة
الابتدائية ، والمتوسطة ، وحتى الثانوية
.
7 -
التجديد
والابتكار
كثيراً
ما يكون النظام التعليم يصبغ المعلم بالتكرار ، وأنا أعلم بعض
المعاناة عند المدرسين وأسوقها وأوافق كثير منهم في بعض
هذا القول ، المعلم المطلوب
منه
نظاما أن يحضّر ما يمسى بكراس التحضير ، أو دفتر التحضير وهذا يراه بعض
المدرسين أمر شكلي لا قيمة له ، وأمر يفعلونه كما يفعل الطالب الواجب المقرر
عليه
من المدرس ، فكما يراه ثقيلاً يراه المدرس ثقيلاً ، وكما
يسأل الطالب عن واجبه ،
يعلم
المدرس أنه سيسأل عن دفتر تحضيره ، وبالتالي يكتبه متثاقلا ، ثم المطلوب في كل
عام أن يجدد هذه الكراس - وإن كانت المادة نفسها والمنهج
نفسه - ، ثم أيضا نظام أن
هناك
درجات على الأسئلة الشفهية ، والاختبارات الشهرية ونحو ذلك ، فهذا الروتين
يجعل المدرس كالآلة قد حفظ المنهج حفظاً ، من كثرة ما
ردده في كل مرة ، وفي كل عام
، وفي
كل فصل ، وفي كل مادة ، لا يأتي بأي شيء جديد ، ولا يأتي بأي أسلوب يغيّر
الملل
عن نفسه هو أولاً ، ثم عن طلابه ثانياً ، ومن هنا نجد أن المدرس إذا كان على
هذا
الوصف تجده دائما مهموماً مغموماً ، لأنه يكرر كل شيء ، و التكرار مع الاستمرار
لا شك أنه شيء قاتل ، وأمر محطم للمعنويات ، وأيضاً
مبلّد للأفكار ، فالمدرس عندما
يكرر
يصبح ليس عنده مجال للتجديد والابتكار
.
ومعلوم
حتى في منهج النبي – صلى
الله
عليه وسلم - كيف كان يلقّن الصحابة و يعلّمهم .. يتكلم كلام بطيء ، لو شاء
العادّ
أن يحصيه لأحصاه ، يكرر القول ثلاث مرات حتى يفهم عنه ، ومرة يبدأهم بالسؤال
حتى يستثير الأذهان ، وأحياناً يبدأهم بالمعلومة ، ويطلب
منهم الاستنتاج ، وأحيانا
يستخدم
الوسائل التعليمية من الخطوط والتشبيهات أو الأمثال
.
وأحيانا
يستغل موقف
معين مع
أصحابه ليلفت نظرهم الى قضية من القضايا التعليمية أو التربوية وأمثلة هذا
كثيرة.
فلماذا
لا يستخدم المدرس هذه الطرائق وهذه الأساليب ؟ لماذا لا يغير
أحيانا بعض الأنماط ؟ لماذا لا يجعل هناك صورة من صور
المشاركة مع الطلاب أو مع بعض
الطلاب
؟ لماذا لا يغير أحياناً وإن كان في هذا بعض الأحوال قضايا إدارية أو نظامية
تعوقه ، ولكن يمكن بقدر الاستطاعة أن يفعل بعض هذه
الأمور .. أن يخرج طلابه – مثلاً
-
من
الفصل ليعطيهم الدرس في الهواء الطلق في بعض الاحوال
.
هي صورة
من صور
التغيير
تبعث في نفسه الجد والنشاط ، وكذلك تبعث في طلابه وتجعله مدركا لمهمته
وغايته
، بدلاً من أن يكون مكرراً لنفسه ، وهذه قضية مهمة جداً
.
8 ـ
المشاركة مع الطلاب
وهذا
أمر مهم ، وهو متعلق بشيء من التجديد والابتكار ،
ولكنه
يستحق أن يفرد وحده.
دائما
قضية المشاركة في الأعمال البشرية تعد من
الأمور
المهمة عندما تكون مهمة المدرس أن يلقي درسه من أول الحصة إلى آخرها ، لا
يجعل هناك مشاركة للطلاب ؛ فإنه يفقد كثيراً من
الإيجابيات العظيمة والمهمة في
الوقت
نفسه .
فوائد
المشاركة مع الطلاب
الفائدة
الأولى : لها فوائد
في بناء
الشخصية ، في تقدير الطالب واحترامه عندما يشارك برأيه ، أو بانتقاده أو
بإجابة سؤال ، أو بإبداء الرأي ، وهذه تنمي فيه شخصيته ،
وتعطيه منزلته و قدره و
احترامه
، بدلاً من أن يقول للطالب : اسكت .. لا تتكلم .. لا تلتفت .. لا تنظر ،
كأنما هو شيء لا قيمه له
.
الفائدة
الثانية : أن يجد المدرس تقويم عمله ؛ فعندما
يسأل
الطلاب ، وعندما يشاركهم سيجد النتيجة هل فهموا أم لم يفهموا ؟ هل تفاعلوا أم
لم يتفاعلوا ؟ هل أعجبوا أم لم يعجبوا ... إلخ
.
الفائدة
الثالثة : أنه يستطيع
أن يميز
الفروق بين هؤلاء الطلاب ؛ فيرى الجيد ، ويرى من عنده مواهب ، و يرى من
عنده
طموحات ... إلخ
.
بينما
قضية الإلقاء ؛ و هي صورة واحدة من صور التعليم ،
هذه
تفقد المدرس هذه المشاركة المهمة ، والتي لها أثر كبير جداً في هذا الجانب
.
الفائدة
الرابعة : تلمّس ما عندهم من العيوب و الخلل والمشكلات في الوقت نفسه
في بعض الاحوال هذه المشاركة مهمة إلى حد كبير
.
9
ـ
العلاقات خارج إطار
الفصل -
أي مع الطلاب - ؛ وكما قلت الموضوع متشعب ، وقد يكون هناك جانب العلاقة مع
المدرسين بعضهم ببعض ، ومع الإدارة ، ومع المنهج وأشياء أخرى كثيرة ، لكن اخترت
ما
أرى أنه يصلح أن يكون أمر عام كلي
.
هنا
العلاقات مع الطلاب خارج الفصل ، وهي
تشمل
أمور كثيرة منها العلاقات من خلال الأنشطة ، وهذه الأنشطة الطلابية هي أصلاً
أمور مقررة نظامياً ، لكنها أحيانا تكون بمثابة الحبر
على الورق ، وأحيانا عندما
تنفذ
تكون بمثابة الصورة الشكلية . المطلوب من المدرسة أن يكون عندها جمعية دينية ،
وجمعية كشفية وعلمية ، والمدير مكلف بهذا يصدر قرار "
المدرس الفلاني هو المسؤول
عنها "
والمدرس المكلف بذلك يصدر قراراً باختيار مجموعة من الطلاب و يمضي الأمر دون
أن يكون
هناك أي فائدة لا للمدرس ولا للطلاب
.
العلاقة
الأخرى العلاقة الشخصية
غير
النشاط ، فالعلاقة الشخصية التي يعبر فيها المدرس جسوراً بينه وبينه طلابه
ليحقق
محبتهم ، وارتباطهم به ، واتباعهم له ، وتأثرهم بتوجيهاته ، بمعنى أن يعتبر
طلابه مدعوون يمارس معهم الدعوة ، والوعظ والإرشاد ،
وحلول المشكلات
.
قد يظن
بعض
المدرسين أن هذا عبء على عبء ، و يرى بعض المدرسين إذا كلف بنشاط كأنما ألقى
فوقه
صخرة من الصخور ، مع أنه لو نظر نظرة أخرى لرأى أن هذا تجديد و تنفيس و تغيير
للخط الذي يحيط به أثناء التعليم.
فأقول
مهمة الأنشطة يتحرر فيها الطلاب من
الهيبة
، التي قد تكون أحياناً متكلفة بين الطالب ومعلمه ، وفي الفصل يتحرر منها
الطلاب من إطار المنهج والتدريس ، يتحرر الطلاب من الخوف
من خصم الدرجات ، ومن
الخوف
من الاختبارات ، فيبدون مشاعرهم ، وتستطيع أن تكتشف ما عندهم ، ثم تستطيع أن
تمارس ما ذكرته من مهنتك و رسالتك في الشطر الاول من
الحديث الذي فيه منـزلتك
ومهمتك
في هذه العملية التعليمية ، وكذلك العلاقات الشخصية من أبوابها.
10 -
التغلب على الأمور الإدارية والروتينية
؛ فكثيرا ما يشكوا المدرسين من أن العبء
الدراسي الذي عليهم كبير النصاب التعليمي ، والذي هو في
حده الأعلى (24) حصة
أسبوعية
بالنسبة للمدرسة ، أي بمعدل (5) حصص في كل يوم و هي عبء كبير
.
ثم
العبء
الآخر
الذي يشكو منه المدرسين و هو بعض الأمور التي لها جوانب إيجابية وكذلك سلبية
،
مثلاً الاختبارات الشهرية هي لا شك انها أساليب
لتقويم الطلاب ، ولإلزامهم
بالمراجعة والدراسة ، لأنهم لا يراجعون ولا يدرسون
غالباً ، إلا إذا اضطروا إلى ذلك
تحت قهر
وجبر الاختبارات ، في الوقت نفسه هي تشكل للمدرس عبء هائل ، لأنه في كل فصل
-
مثلاً - عدد الطلاب 25 طالباً ، و هو يدرّس 5 فصول ، أو 6 فصول
، فيكون عدد
الطلاب
حوالي 300 طالب و هذه إحصائيات أحيل المدرسين فيها الى كتابات الطنطاوي ؛
فإنه
يأتي فيها بالارقام و التفصيلات بصورة أدبية جميلة ، ثم عنده عدد من المواد ،
و كل طالب في الاختبارات هذه يكتب صفحتان أو ثلاثة ،
فإذا حسبت هذه الصفحات أو حسبت
المواد
و متى سيقرأها.
أقول :
هذه الأعباء - لا شك - أن هناك دراسات ومطالبات
بإعادة
النظر دائما في الأمور المتعلقة بالطريقة التعليمية ، وبالمناهج وبالأساليب
التربوية ، إلى غير ذلك لكن التفسير منوط بالمدرسين أكثر
من غيرهم ؟
لأنهم
أكثر عدداً ، لأنهم لو أرادوا لكانوا أقوى صوتاً ،
ولأنهم أكثر ممارسة ، فيمكن أن
يقدموا
ما يفصح عن الأسلوب الأمثل أو الأفضل في بعض ما يرونه يحتاج الى تقويم
.
لكن
الشق الاخر نحن في واقع عملي ، أقول : لو أراد المدرس أن يخفف هذا العبء
فكيف يفعل ؟
أ- هناك
أمور متعلقة بالناحية النفسية والإيمانية ؛ فعندما يستحضر
المدرس أنه يؤجر على ذلك ويثاب ، وأنه يكتب له بهذه
الأعمال على كثرتها حسنات عند
الله -
عز وجل - لا شك أبداً أن هذا مما يخفف العبء عن المعلم المسلم
.
ب-
عندما يشعر أنه من خلال هذا يسهم في هذه المهمة العظيمة ، و هي
المهمة التربوية
التوجيهية لهذا الجيل ، الذي يريد أن يكون باذن الله جيل نافع صالح لهذه الأمة
الإسلامية في مستقبلها القريب قبل البعيد ، لا شك أن هذا يهون عليه أيضاً.
ج
-
هناك أمور فنية تقسم إلى قسمين
:
1-
أمور
فنية في الإتقان أو التجديد والإبداع
، فهذا دفتر التحضير عندما ينظر إليه المدرس هناك ما يسمى
بمفكرة المدرسة ،
والأهداف العامة ، وطريقة العرض ، لو أنه كان دائماً حريصاً على التجديد
والابتكار
والاستزادة من كتب أخرى ، ومن أساليب تربوية جديدة ، ومن
بحوث تنشر أو قضايا تثار
حول هذه
المعاني ، لاستطاع دائما أن يجد عنده جديد يفيد به نفسه ، ولا يصبح عمله
مكرر من
العمل الجيد ، العمل الجديد يقبل عليه الإنسان بنشاط لأنه يأمل فيه شيء
جديد يرى فيه بعداً جديداً لم يكن في الذي قبله
.
2-
وهناك شق آخر و يسميه
بعض
المدرسين شق تحايلي ، و هو أن يخفف العبء بصورة عملية ذكية . فطريقة الأسئلة
التي
يميل إليها كثير من المدرسين خاصة في الاختبارات الدورية تعتمد على أن لا يتيح
الطلاب الفرصة في إكثار الكلام والكتاب بل السؤال جوابه
كما يقال : " كلمة ورد
غطاها "
حتى يخفف عن نفسه العبء ، ولكن بأسلوب علمي يستطيع أن يكتشف فهم الطالب
وقدرته
.
الاستفادة من التقنيات الحديثة كالكمبيوتر ، حتى يرى بعض المدرسين هذه
الأمور صعبة عندما يكون عنده الخبرة في الكمبيوتر ،
يستطيع أن يضع الأسئلة ، ويضع
البرامج
المنهجية في فقرات معينة ، ويصحح وكذا في وقت وجيز
.
د - بعض
المدرسين يلجئون إلى طرائق تبادلية مع بعض المدرسين للتخفيف من هذه الأعباء
.
كل
هذا حسن بحيث لا يكون هناك تفريط من المدرس في واجبه ولا
تقصير منه في هذا الواجب
لماذا ؟
لان المدرس هو قدوة وهذا واجب عليه من قبل الجهة التي كلفته بهذه المهمة ،
وهو يفرض على طلابه واجبات فكيف يريد أن يؤدي الطلاب
واجباتهم ، وهو لا يؤدي واجبه
هذه
قضية لا بد أن يلتفت إليها المدرسون ، ويحاولوا قدر الاستطاعة أن يستفيدوا منها
،
ثم يفيدوا في مجال التغيير لمثل هذه لما يرون أنه قاصر في العملية التربوية
التعليمية
.
11
ـ أن
الذي يراد من المدرس هو أن يكون المقدم لكل خطأ
لأن
المهم هو الأساس
في العملية التعليمية ، فإذا كان في المناهج نقص أو فيها خلل ، أو فيها
من لفتات أو أخطاء ، فالمعول على تصحيح ذلك هو المعلم ، وإن كان
في الطلاب وطريقة تلقيهم للعلم خطأ ، وطريقة نظرتهم إلى
العلم خطأ ، وطريقة
استفادتهم من العلم خطأ ،
فالمعول
على إصلاح ذلك هو المعلم ، وإذا كان النظام
التعليمي نفسه هو في حد ذاته فيه أخطاء أيضا يمكن أن يكون المقوم أو الذي يصحح
هذه
الأمور هو المعلم
.
و هنا
سيقول المدرسون و المعلمون : تطلب منا ، وتطلب منا
، و لا تطلب من الآخرين ! أقول نعم المفروض أن تكون العناية
بالمعلم هي في التربية
على كل
المستويات سواء في قطاعات التعليم ، أو في قطاعات الدولة ، أو في قطاعات
النظر إلى العلماء ، أو في قطاعات الاقتصاد أو في قطاعات
السياسة
والاجتماع.
المعلم
هو الذي له أكبر الأهمية في هذا الجانب ، لكن ينبغي أن تكون
وسائل الإعلام تخدم العملية التعليمية ، ينبغي أن تكون
الصحافة والبحوث والمؤتمرات
والتوجيهات كلها تخدم هذا الجانب ، أقول : نحن نطالب المعلمين بما هو في أيديهم
، و
بما هو يكون قريب منهم باذن الله - عز و جل - ، و نحن في
آخر الأمر نرى أن كل ما
نريده
من المعلمين وما يضيفه غيرنا هو مطلوب منهم ، وهو مؤمل فيهم ، وهو مرجو إن
شاء الله أن يثابوا عليه إذا أخلصوا النية لله