عندما خضت هذه التجربة - تجربة التدريس - لأول مرة منذ ما يقرب من 16 عامًا لم
أجد مَن يمدُّ لي يد العون بالنصيحة أو المشورة، فكان لزامًا عليَّ أن أخوض
التجربة بمفردي، أتعلم من أخطائي ومن ملاحظتي لمن حولي.
مرَّت الأيام وتعاقبت السنون، تعاملت خلالها مع كافة المراحل السنية، ومع مختلف
الجنسيات في أكثر من بلد. اختلفت أسماء التلاميذ، جنسياتهم، ملامحهم، وحتى
سلوكياتهم ومستوياتهم الدراسية، ولكن حبي لكل منهم، وإحساسي بالمسؤولية تجاههم،
واقتناعي بضرورة العطاء اللا محدود لم تتغير. اكتسبت خبرة - ولله الحمد -
والخبرة نعمة من نعم الله علينا، لا يحسُّ بها إلا المعلم في سنته الأولى، حيث
يواجه العديد من الصعوبات والعقبات؛ فيتمنى أن يجد من يمدُّه بالمشورة أو بفيض
من سابق خبرته.
ولأن لكل نعمة شكرا واجبا رأيت أنه من واجبي نقل خبرتي في التدريس بين أيديكم،
علَّها تفيد معلمة في المشرق أو معلم في أقاصي شمال الكرة الأرضية.
مع التلاميذ في اليوم الأول
الحصة الأولى هي نقطة الانطلاق، فكما أن الجندي في الميدان يتأكد من حسن
اختياره لمكان المدفع؛ لتبلغ القذيفة الهدف المحدد، فيقوم في سبيل ذلك بعدد من
القياسات والترتيبات والاستعدادات، على كل مدرس أو معلم أن يحسن الاستعداد
لليوم الأول؛ "فالانطباع الأول" عن هذا الوافد الجديد له أبعد الأثر في تحديد
ملامح العلاقة بين الطرفين.
فاللقاء الأول مع التلاميذ لا بد وأن يحقِّق هدفين محددين:
أولاً:
ما يمكن أن نسميه "تذويب الثلوج".
ثانيًا:
تحديد صريح وواضح لأسس وقواعد العلاقة بين الطرفين.