إن الهدف الرئيسي لأي مبدأ أو
تنظيم في التربية هو إعداد مواطنين صالحين لخدمة الدولة وقادرين على كسب عيشهم.
أما الإسلام فينظر إلى الآمر
نظرة اخطر من ذلك بكثير. فالإنسان في نظر الإسلام هو خليفة الله في الأرض (إني
جاعل في الأرض خليفة) والشباب المسلم هو حامل رسالة السماء إلى الإنسانية كلها.
ولهذا الهدف العظيم والرسالة الكبيرة يعد الإسلام أبناءه ليكونوا قادرين على
أداء الرسالة وحفظ الأمانة وقيادة الإنسانية كلها وإخراجها من الظلمات إلى نور
الإسلام .
والإسلام يبني شخصية الطفل من
ثلاثة جوانب: -
الأول: هو بناء ضميره ووجدانه: -
وذلك بخلق ضمير إسلامى حي يقظ
ونفس سليمة خالية من العقد والأحقاد. وتهذيب الغرائز والعواطف البدائية في
الطفل وذلك بتعليمه الرحمة والمحبة والتعاون والعزة والكرامة والكرم، وحب الخير
وبر الأبوين، وطاعة أولي الآمر . وحب الله ورسوله، وحب الوطن وكل هذه المعاني
لا يتعلمها النشء إلا في الدين وحده.
فالرحمة والمحبة والعطف والإحسان
إلى الآخرين والتواضع وحسن الخلق لا توجد في كتاب علمي أو قاموس أو في كتب
الجغرافيا والتاريخ. إنما يتلقها من التربية الصالحة. ويقتنيها من أبويه وسائر
أفراد أسرته.
إن العلم بدون أخلاق لا ينفع
الإنسان. وإذا لم يتلق الطفل التربية الإسلامية فانه مهما تلقى من علوم الدنيا
لا يكون سعيدا. وسواء أصبح طبيبا أو مهندسا أو عالما فانه يظل غرضه للانحراف
وتطغى عليه الروح المادية. وبدلا من أن يصبح العلم في يديه رحمة للإنسانية فقد
يصبح وسيلة للتدمير والتخريب والاستغلال. وهذا هو اخطر ما يعانيه مجتمعنا.
الآمر الثاني: هو البناء العقلي
والذهني: -
وقد يقول قائل : إن العلوم
والمعارف التي يتلقاها الطفل في المدرسة من علوم وحساب وتاريخ تسد حاجة التلميذ
في هذه الناحية. وهذا أيضا خطأ . فهناك فرق بين حشر المعلومات في رأس التلميذ
وبين تنمية مدارك الطفل لتوسيع افقه وتفكيره، وتعليمه الابتكار وإبداء الرأي
وملاحظة الظواهر بدقة.
الإسلام يدعو الطفل منذ نشأته
إلى تأمل كل شيء في الحياة من حوله يدعوه إلى تأمل الخلق والمخلوقات. والسماء
والنجوم والشمس والقمر والليل والنهار. وإلى التأمل في الأرض والجبل والبحر
والأنهار، والطير والحيوان والإنسان. أن يتأمل في نفسه وفي جسمه وفي خلقه، في
أمه عندما حملته وهنا على وهن وأرضعته عامين ثم فطمته، وسهرت لتحميه من البرد
والحر والجوع والعطش. ثم بعد هذا كله يدعوه إلى التفكير فيمن خلق هذا الكون كله
وأبدعه. وكل هذه الأمور وهذا الفكر يوسع مدارك الطفل في الحياة. ويزيد من حدة
ذكائه ويجعله أكثر قدرة على استيعاب كل ما يتلقاه بعد ذلك من علوم الدنيا،
وخاصة إن هذه المعلومات لا توجد في كتب الدراسة والعلم..
واهم شيء أن يتعلم الطفل كيف
ينظر إلى الأمور باستقلالية؟ ويميز بين الغث والسمين، بين الخطأ والصواب، ولا
يتقبل كل شيء دون تأمل وتدبر وتفكير.
الأمر الثالث: هو البناء الجسمي:
-
الإسلام يهتم بالصحة والسلامة،
ويدعو إلى خلق جيل قوي البنية، يتمتع بالقوة والحيوية والنشاط ، خال من العاهات
الوراثية والأمراض . ثم تربية هذا النشء على حب الرياضة بأنواعها. وبذلك يخلق
جيلا واثقا بقدراته ومواهبه وقادرا على حمل الرسالة وعلى الجهاد في سبيل الله.
هذه العوامل الثلاثة هي التي
تشكل شخصية الطفل المسلم الروح والعقل والجسم. أما الحضارة الحديثة وما تدعو
إليه من الحرية الجنسية والتمتع بكل ملاذ الحياة بأية طريقة. فإنها تجلب
الأمراض ويكفي في هذه النقطة ما تبثه وسائل الإعلام انه في سنة 2001 توفي ثلاثة
ملايين إنسان بمرض الإيدز . وبلغ عدد المصابين (40) مليون مصاب في تلك السنة.
منهم (600) ألف طفل لم يبلغوا الخامسة عشر من العمر.